مقالات

< ![endif]–>

بعد هدوء العاصفة ..

لا الجزيرة ولا العربية كانتا حياديتين

د / مساعد بن عبد الله المحيا

استاذ الانتاج الاذاعي والتلفزيوني المشارك

قسم الاعلام

Muhaya1@yahoo.com

لفتت نظري آراء تحدثت عن  طبيعة التغطية الإعلامية للأحداث في مصر منذ 25 يناير ، إذ ادعى البعض أن العربية كانت حيادية ومهنية في تغطيتها لثورة الشعب المصري ، إذ كانت تقدم وجهة نظر النظام وما يطرحه المحتجون من الشباب ..، وآخرون يرون ان الجزيرة كانت اكثر مهنية بوصفها كانت أكثر قدرة على مواكبة وحمل قضايا الشعب المصري امام الفساد ..

وطبعا من الصعب ان يدعي احد الحيادية لوسيلة اعلامية ايا كانت .. فالذي يجري هو أن كل مراقب يتطلع ان تكون الوسيلة التي يستخدمها تسير وفقا لمعايير معينة أوشخصية مفعمة بهوى ثم هو يرى بالتالي ان الوسيلة التي حققت تلك هي الوسيلة المهنية ..

وبوصفي احد الباحثين في الدراسات الاعلامية ومعني في دراسات القيم الاخبارية في الفضايات العربية انتهيت عبر دراسات علمية تطبيقية أن القول بان الموضوعية والحيادية هي من متطلبات العمل الاعلامي المهني هو امر لا يمكن تحقيقه وبالتالي لا إخال احدا يعمل به ولا يمكن تطبيقه على ارض الواقع ..

وذلك لاعتبارات عديدة من ابرزها العلاقة بين الوسيلة ومن يملكها او يمولها أو ممن لهم تأثير أو دالة عليها سياسيا او ثقافيا او ربحيا ..

ويظل التعامل مع المعلومات الكثيرة التي تتقاطر من وكالات الأنباء ومن المحطات ومن مصادر الاعلام الجديد يتطلب من الإعلامي المحترف أن يعيد فرزها وفق معايير ترتبط بمسؤوليته الاعلامية امام الله ثم أمام الناس بحيث تكون مستقلة وغير مؤطرة برؤية احادية لا ترتبط بالواقع اما ان كانت الرؤية منحازة لحاجات الناس ومرتبطة بتطلعاتهم فهذه هي الموضوعية الحقة ، مع ادراكي التام بان الموضوعية او الحيادية هي من الجمل التي تتغنى بها بعض وسائل الاعلام برغم انها لم تمض في طريقها يوما ..

ومع ان من المفترض وجود معايير مهنية كثيرة مشتركة بين الفضائيات الإخبارية العربية إلا ان الواقع يشير إلى ان لكل منها معاييره في السياسة الاعلامية التي تنتهجها والاستراتيجية التي تتبعها وفي الاعداد والتحرير والصياغة ..

ووفقا لأداء وسائل الإعلام أو المحطات الفضائية منذ بدأت الأحداث لم تخرج القنوات عن البعد الاستراتيجي والمصلحي الذي تنتهجه في تعاملها مع الأحداث الأخرى في المنطقة ، وهو ما لم يكن خافيا على كثير من المراقبين والإعلاميين الذين يمتلكون خبرة في طبيعة مسار ومنهج تلك القنوات ..

لقد كنت اشاهد كثيرا من القنوات .. العربية وغير العربية ، ولن ادعي ان ما اراه هنا يمثل القول الفصل في مسألة لا ارى هنا ابدا انها تشتمل في طبيعتها على أي قول فصل ..

لقد كان الناس أو اكثرهم يتابعون وباهتمام بالغ ما تنقله لهم القنوات الفضائية الاخبارية ووسائل الاتصال الجديدة عبر وسائل الاعلام الجديدة من خلال الفيسبوك وتويتر واليوتيوب ومواقع الاخبار الالكترونية ، وكانت كل تلك الوسائل تتنافس في نقل أي خبر يصل إليها او تشم رائحته حتى ولو كان خبرا لا يمكن تصديقه لتعيد بثه ، وكان المهتمون بالحدث عبر تيويتر والفيس بوك يتناقلون ذلك ويعيدون بثه مما جعل الأمر يتجاوز حتى القنوات الفضائية ليصبح الجمهور وما يقدمونه عبر كاميرا الجوال ومن خلال المعلومات والأخبار والبيانات والأرقام من الميدان وفقا للإعلام الجديد هم المراسلين الذي تجاوزوا الحدود الرقابية واستطاعوا جعل المشاهد والمتابع يعيش الحدث أكثر مما كان يمكن أن تحيط الناس به قناة أو قنوات معينة مهما امتلكت من الأفراد ضمن شبكة مراسليها وهؤلاء كانوا الأكبر والأكثر محتوى ومضمونا ..

أما القنوات فقد كانت وفقا لاستراتيجيتها تنقل ماترى مناسبة نقله للجمهور  .. فقد تضخم الجزيرة امرا ما  ، في حين تقلل في مقابلها العربية من اهميته ، وترى اهتمام البي بي سي  مثلا  بين هذه وتلك ..

وقد ترى السي ان ان والسي بي اس والفوكس نيوز والمحطات الأوربية مهتمة بخبر او حدث وتتابعه في حين يكون مغيبا لدى المحطات العربية مثلا ..

أما الإعلام الرسمي الذي كان يقوده الفقي فقد كان تماما كوزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف الذي كان يقدم للناس معلومات يضحك منها الطفل والرجل الذي لم يتعلم شيئا .. تماما فقد كان الاعلام الرسمي في مصر عبر عدد من فضائياته يعبر عن صوت النظام  وكان بما يقدمه من محتوى واخبار وصور يجلب السخرية والضحك لأنه كان يستغفل الجمهور وهو ما تكشفت اليوم خطوطه لكل الشعب والناس ..

هذا الاعلام الرسمي من حيث المنهج فيما يبدو كان يجد بعض التعاطف في بعض ما يقدمه إذ يبدو أن ثمة ضغوطا على بعض الوسائل الاعلامية مثل العربية والتي كانت في بعض الاحيان ترتضي المسير في هذا الفلك .. حتى انني اصبحت غير قادر على فهم طبيعة العمل المهني لدى مذيعي القناة وما تقدمه ، فهي تارة تكون مجسدة للعمل المهني وتارة تسقط سقطات كبيرة لا يمكن ان يتقبلها او يرضى بها اعلامي مهني يقدر طبيعة العمل التلفزيوني ومتطلباته ..

فقد رايت بوصفي متخصص سقطات مهنية جعلتني لا اتقبل كثيرا مما تقوله العربية في اوقات عديدة ، بوصف تلك السقطات الكبيرة لايمكن ان يتقبلها غير متخصص فكيف بمن يعرف ما يجري وراء صناعة المادة التلفزيونية اعدادا وترتيبا وتنسيقا ومونتاجا واخراجا ..

لاحظت حافظ الميرازي ومعه بعض المذيعين والمذيعات  منذ البداية – وقد كتبت هذا عبر التويتر مبكرا-  يحاول ان يحافظ على اداء العربية ويقدم ما يتسق مع الحدث ،ثم ارى مواد وضيوف آخرين يمسحون الصورة مرة اخرى وكان القناة بلا هوية ، أو كأنها يتنازعها تياران اعلاميان ، أو تعليمات متقلبة وفقا لتقلب الأحداث اللحظية ..

وطبعا هذا قبل أن أفاجأ بالمذيع حافظ اليوم وهو يتحدث بكلام مثير يوحي بانه سيعمل ما يرى ان القناة ستمنعه او سيودع الجمهور ،وهو بلغته تلك قد يكشف بعض ما تعمل في ضوئه القناة من راي يجعل مذيعيها محرجين جدا ..

ولعلي هنا اذكر هنا مثالا واحدا .. بعد الأحداث الدامية التي جرت الجمعة 28 يناير بيومين ، وبعد ان اصبح هناك فراغ امني كبير  صدرت الأوامر بعد يومين لإعادة الانتشار الأمني ، وقد التقت المحطة أحد الألوية الذين يفترض انهم ممن لهم يد في ذلك ، وتلك سقطة مهنية كبيرة ،يسأله المذيع اين انتم من الشارع ولماذا اختفت الشرطة ، فيقول نحن موجودون ولكننا كنا بلباس غير عسكري، فيتفاجأ المذيع ، اذا كنتم موجودين فلماذا صدرت التوجيهات باعادة الانتشار الأمني فيقول نحن كنا نراقب والآن سنقوم بمهمتنا ثم يثني على الشرطة وأدائها وأنها وو  فيشعر المذيع بان من رتب الضيف قد احرجه كثيرا ، فيعمل على انهاء المقابلة المضحكة ..

لقد كنت اراقب الضيوف وكيف يتم اختيارهم لغرض معين وكيف يتم استبعاد ، ضيوف يمثلون خيارات الشعب من الاعلاميين والقانونيين والمهتمين بالعمل المدني ..والكل يعرفهم .. مثل هؤلاء الضيوف كانت العربية تغيب كثيرا منهم ، لكنها تعود بعد ذلك لتجري معهم مقابلات وحوارات بعد ان تجد ان لغتها  ،التي لم تكن مع خيار الناس والجمهور قد اصبحت تكاد تغرد خارج السرب .

لقد كانت العربية وخلال الأيام الأولى تضع الكاميرا ولساعات من النهار والليل على جانب من النيل بحيث تتجنب ان تضعها على جموع المحتشدين ولساعات طويلة ، في حين كانت الكاميرا عبر بعض المحطات الغربية والجزيرة تنقل حشودا تتزايد في ميدان التحرير ، لقد كانت العربية تقلل في احيان كثيرة من الجهد الشعبي الذي كان الناس يتابعونه عبر الفضايات الاخبارية الدولية  ، وتتحدث بتضخيم عن ما قدمه النظام من تنازلات برغم ماتجده من رفض لتلك الجوانب على ارض الميدان ..

ولعل مما اسهم في تقدير كثير من الاعلاميين في جعل صورة  القناة الذهنية قريبة للنظام اكثر من الشعب المصري هو أنها كانت تحصل على محتويات الخطابات حيث كانت تسرب للعربية بعناصرها تامة قبيل البث بساعتين عبر الفقي او غيره  وكنت اؤمل ان يكون ذلك سبقا صحفيا غير ان الشكل الي تمت فيه كانت توحي بان العربية تسير في فلك القنوات المحلية ..

لن اقلل بهذا من الجهد الذي بذلته القناة فأنا اعلامي أدرك حجم الجهد الذي يبذل ولا سيما في مثل تلك الضروف ، وأتوقع أن كثيرا من المصريين سيغفرون لها تلك السقطات ،  تماما كما يقول بعضهم بانهم قد  غفروا لأم كلثوم التي غنت للملك فاروق لكنها  غنت بعد ذلك للثورة !!

اما الجزيرة فقد كانت قريبة من الحدث حريصة على ان تكون في وسطه ، وربما كانت تريد كما يريد المحتجون أو اكثر منهم ، ولذا كانت تبالغ بعض الشي وربما اكثر من الشي وتضخم الأمور تحليلا وارقاما ووصفا .. لكن لأنها تغطي الحدث والحدث يريد الناس معرفة واقعه ، فالناس يريدون معرفة ذلك ولذا كان الكثيرون يشاهدون الجزيرة برغم قناعتهم بانها تبالغ في الأرقام والوصف ،

ولا اخالني اقول جديدا عندما اقول بان النخب المثقفة بل والإعلامية التي تنتقد الجزيرة هي تتعلم من الجزيرة وأكثر ما تشاهده الجزيرة ، بل مما يدعوني للتعجب ان الموظفين والعاملين داخل المحطات التلفزيونة المحلية ومن خلال مكاتبهم لا تجد عبر شاشاتهم التلفزيونية في اغلب ان لم يكن في جميع المكاتب إلا شاشة الجزيرة ، إذ يبدوأنهم يجدونها قريبة من تحقيق اشباعاتهم ..

وفي المقابل لم تكن الجزيرة في عدد ممن اوقات تلك الأحداث مهنية بحق وكما ينبغي وذلك في تعاملها مع قيم الاخبار او من خلال معايير انتقائها للأخبار او محتوى الأخبار بل كان كثير من الأخبار العاجلة أشبه بمنتدى الكتروني يكتب فيه من شاء ما يشاء دون تمحيص او مسؤولية ..

وهو ما يعزز فكرة وجود اجندة تتسلل داخل مكونات بعض الأخبار والألفاظ والجمل ..

شخصيا أؤمل ان يكون لنا ولدينا اعلام بمهنية الجزيرة التي احدثت في البيئة العربية اعلاما خرج من البيوت المحمية ليتنفس هواء يتخلله بعض النقاء وتطل عليه الشمس لتتخوله الحرية الاعلامية وان يتجاوز سلبياتها التي نشعر كإعلاميين انها مما يشوه هذا الاعلام الفريد الذي بز المحطات الامريكية في تعاطيه مع كثير من الأحداث وهي المحطات اعني الأمريكية التي كنا نعتمد عليها في معرفة ما يجري في كل ارجاء البيئة العربية وغير العربية ..

لكني ايقن ان العقلية لدينا لم تستوعب بعد العمل المهني للقنوات التلفزيونية ، وان من متطلباتها أن يتاح لمن يعمل في القناة ممارسة قرائته النقدية لكثير من المؤسسات والشخصيات دون تجريح يخرج ذلك من اطاره ..

فنحن ننتقد الجزيرة عندما تصنع مادة ما ولكن لا نوجه النقد نفسه للبي بي سي ولا للسي ان ان ولا للفوكس نيوز ولا غيرها ..

الجزيرة تمتاز بقدرتها ان تكون في الحدث كما يريد الجمهور تغطيته والاعلام عندما يغطي الحدث كما يريده مذيع أو مسؤول لن يرتبط بالجمهور ولن يتابعه المعنيون لأنه يغرد لغيرهم ولا يهتم بمعاناتهم .. الجزيرة تمتاز بصياغتها المتميزة لعدد من التقارير التلفزيونية انظر تقارير فوزي بشرى التي تختصر كثيرا من الأحداث وتصورها ..

ربما اننا نريد من الاعلام ان يكون كالمشلح الذي نتأبطه ونريد به ان نبدو ببهاء وجمال أخاذ ، ونريد منه بالتالي ان يسوقنا باخطائنا للآخرين .. وهو عندما يصنع ذلك يرتكب خطأ مركبا فيسئ اكثر مما يصلح ..

بعض اعلاميينا تأخذهم الغيرة اكثر مما ينبغي ان يتعلموه فهم قد يشعرون بأنهم قد بلغو مرحلة اليقين عند الصوفية في الممارسة الاعلامية وكل عمل اعلامي مميز لدى هؤلاء هو تافه وحقير وسيئ دون ان تكون النظرة إليه تفرق بين ما يمتاز به وبين ما قد يشتمل عليه من اخطاء او قصور في رؤية البعض .. ، ولن يتقدم اعلامنا ما دمنا لا نمتلك القدرة المهنية التي تجعلنا نشاطر الاعلاميين ما يمتلكونه من قدرات ووسائل وأساليب مهنية تحقق ما نرغب حمله من رسالة تتسق وحجم مكانة هذه البلاد الدينية والاقتصادية والسياسية ..

وما دمنا لم نقدم عبر اعلامنا المحلي وجوها تنتمي لهذه البلاد ، فلن يعبر عنا وجوه تظل تنطق بحجم ما تتقاضاه من مرتبات جيدة  !!.. هذه الوجوه قد تتحول يوما ما عندما تجد مجالا يتيح لها بيئة افضل وموردا أكثر ..

شخصيا لا استبعد ايضا ان يكون لهذه القنوات حضور بارز بعد انتهاء الاحداث ، في توجيه الرأي العام المصري والتونسي لمسارات مستقبلية او اختيارات انتخابية وهو ما ينسجم مع رؤية كل منها في المسار الذي انتهجته في مسارها الاعلامي .. وسيلحظ كل مهتم ذلك بوضوح تام ..

والسؤال الأهم والمثير هل اسقطت الجزيرة والعربية والقنوات الفضائية الغربية والإعلام الجديد النظام في مصر ..  أم أن الفيس بوك ووائل غنيم والبو عزيزي رحمه الله والذين ركزت عليهم الوسائل وفقا لنظرية تأطير الاخبار بوصفهم السبب الأول والأخير أوأنهم هم الذين يقفون وراء ما جرى  ..شخصيا لا اعتقد ذلك إذ هذا الراي اختزال للحقيقة واستلاب لحقيقة ما جرى .. وانما كانت هذه الوسائل مثيرات استثمرت المخزون الموجود لدى الفرد المصري من الظلم والفساد واستلاب الحقوق فكان الشعب هو الذي اسقط النظام وتلك رؤية تتسق مع الواقع وطبيعة معطياته لأن أي راي يختزل ما حدث بان سببه الجزيرة مثلا هو يقول لمن يمارس الظلم والفساد بان عليك ان تكون على وفاق مع هذه القناة او تلك لتكون في خير عميم وذلك لا احسبه مما سينجيه من ارتدادات زلزال تونس ومصر ..

د / مساعد بن عبد الله المحيا

استاذ الانتاج الاذاعي والتلفزيوني المشارك

قسم الاعلام

Muhaya1@yahoo.com

مقال ليسا حياديتين

11 Comments on “مقالات

  1. التحليل جميل لكن اعتقد ان العربية كانت تاتي بكل الضيوف من المعسكرين حتى ابن جمال عبدالناصر والاخوان في حين الجزيرة كانت صوت واحد مثل راديو اف ام لايعترف بشيء اسمه الراي الآخر. مهنيا يفترض اننا نسمع ونرى كل القصة وهذا الذي جعلني واخرين يتابعون العربية ليس اتفاقا مع نهجها لكن هي اكثر محطة فيها اخبار عن الحدث وضيوف من كل الالوان. مجرد راي

  2. شكرا سامي
    دعني أقول لك من حيث النهاية
    الإعلاميون في القنوات المحلية المصرية
    ماذا قالو أمس كانوا يعبرون بأن ما كانوا يقومون به لم يكن خيارهم
    اذا اذا كنت حرا هل ستصنع ما يصنعه المكرهون
    الذي اعرفه ان الاعلامي عندما يجد
    مظلوما لا بد وأن ينحاز إليه

    نعم
    يمكن في حالات نادرة ان يتيح الاعلامي للظالم والمخطئ ان
    يقول ما يساعد المظلومين على الحصول على حقوقهم
    اما ان يتاح له أن يغرد ويقول ما يشاء ويكذب
    فذلك سير في اتجاه خاطئ
    تحياتي
    يجد منبرا

  3. أشكر لك هذا المقال القيم يا دكتور.
    الجواب يتلخص في قولك :”من الصعب أن يدعي أحد الحيادية لوسيلة إعلامية أياً كانت”.

    في رأيي، يجب أن يعبر الإعلام عن الأمة التي يتحدث باسمها، أياً كانت تلك الأمة وأياً كان تكوينها وأيديولوجيتها.
    الإعلام خادم لأهدافها الأممية، مواكب لتطلعاتها الكبرى وخططها في الاستمرار والريادة والسيادة. أما الحياد فكذبة يتشدق بها المنظّرون.
    الإعلام الأمريكي على سبيل المثال “كان” الصوت الحقيقي للأمة الأمريكية، عاشت معه عصراً ذهبياً. ثم تدهور حاله في العقود الأخيرة إلى خدمة أجندة فئات محددة، وتلاعبٍ بالحقائق وانتهاجٍ للتضليل والتعتيم لمصلحة أجندة الفئات، ويمكن الرجوع لكتاب (لمتلاعبون بالعقول للمؤلف هيربرت شيللر) لمزيد تبيان في هذا الصدد.

    وأنا كشخص أدين بالإسلام، وفكري أستمده من ديني، أقول يفترض أن يكون إعلامنا خادماً لنا كأمة مسلمة، لمصالح رعايا الأمة من المسلمين وغير المسلمين. مع شرط مهم: أن لا يُظلم في الساحة أحد. فالله حرم الظلم وجعله بين عباده مُحرماً.

    كلنا نعرف قصة غزوة الخندق، وأن السبب الرئيسي في انتصار المسلمين على أحزاب المشركين، وفي الوقت نفسه على يهود بني قريظة – الذين انتهكوا اتفاقية السلام أثناء قيام الحرب وتحالفوا مع أحزاب المشركين ضد المسلمين المرابطين عند الخندق – ، كان السبب الرئيسي هو أسلوب المعالجة الإعلامية للحدث، فقد اتخذ الصحابي نعيم بن مسعود موقفاً يذكره له التاريخ، إذ جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم معلناً إسلامه، وقد كان مشركاً في معسكر المشركين. ثم أخبر النبي أن قومه لم يعلموا بإسلامه، وطلب منه أن يشير عليه بما يفعل إذ أصبح الآن مجاهداً في معسكر المسلمين. فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة إعلامية فنية. إذ قال: “إنما أنت فينا رجل واحد، فخذّل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة”.

    نبينا عليه الصلاة والسلام عقلية فذة قلما عرفها التاريخ. وعندما يخبروننا الآن بأن الإعلام الجديد هو سمة العصر الحديث، وأنه إعلام الفرد الذي قصم إعلام المؤسسات. نخبرهم أننا المسلمون عرفنا “إعلام الفرد” منذ غزوة الخندق. وهكذا كان، بفضل ذكاء نعيم رضي الله عنه وقدراته وأسلوب عرضه للمعلومات لكل حزب من الأحزاب، قريش وغطفان ويهود بني قريظة، بأسلوب نبوي تكتيكيّ اسمه: “الحرب خدعة” لا أسلوب “الحياد” الذي هو أسطورة متخيلة لا يمكن أن تتحقق. استطاع نعيم التخذيل بينهم وتفريقهم، وكان أحد الأسباب الرئيسية لانتصار المسلمين بعد أن كانوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم في موقف مخيف ثقيل مهول، قد وصفه عدد من من الآيات القرآنية الشريفة. ويمكن الرجوع لأحداث غزوة الخندق – وتسمى أيضاً بغزوة الأحزاب – في كتب السيرة النبوية للإطلاع على أسلوب استخدام نعيم بن مسعود للقاعدة الإعلامية النبوية في تخذيل المشركين عن المسلمين.

    ولهذا فأنا أميل إلى أسلوب الجزيرة في المعالجة الإعلامية. فهي لم تظلم النظام الحاكم، الذي هو بأصله ظالم فاسد مجرم قاتل سارق مغتصب هاتك للأعراض وحرمات الناس، كل ما فعلته القناة هو نصرة المظلوم على الظالم. ولو بأساليب فيها مبالغة وانحياز للثورة.

    نورة المكينزي
    طالبة ماجستير الإعلام – جامعة الملك سعود.

  4. شكرا لك دكتور مساعد طرح رائع ومنظم
    كنت انتظر تعليقك على الاحداث وكيفيه تغطيه القنوات الفضائيه لها
    لقد بالغت الجزيره جدا بالتركيز على اسقاط النظام المصري والعربيه
    اصبحت حائره لاتدري اين تقف فخسرت المنافسه
    دكتور مساعد ما رأيك بتغطيه قناتي الحوار والمنار للاحداث
    دمت رائعا وعلى دروب الخير نلتقي

  5. نورة المكينزي
    قراءة فريدة وجميلة
    اشكرك على هذه الاضافة
    والإعلام في البداية ينبغي ان يخدم المجتمع الذي يعيش فيه
    ويحيط به ويشاهده ويخدمه
    بوركت

  6. الموضوع جميل وهو جدير برسالة علمية، لكن حقيقة نحن في هذا الحدث أمام واقع إعلامي جديد..
    بغض النظر عن الإعلام الرسمي المصري أو حتى غير المصري لا ننتظر أكثر مما حصل، وهذا شيء طبيعي، لأنه جزء من واقع ولا بد أن يكون معبراً عن هذا الواقع.. لكن ما يتعلق بقنوات تعدان غير رسميتين، ويعتبران نفسيهما من الإعلام العربي غير المصنف لصالح دولة أو مؤسسة رسمية، وأعني قناتي الجزيرة والعربية..
    عاتان القناتان قدمتا تجربة إعلامية جديرة بالدراسة، ليس من حيث المهنية الإعلامية، ولكن من حيث طبيعة المعالجة للحدث، وثمة تساؤلات كثيرة تطرح في هذا الصدد، هل ما قدمته كل من هاتين القناتين من معالجة يعبر عن منهجية ثابتة لكل منهما، بغض النظر عن مهنيته من عدمها؟؟؟
    بمعنى هل ستعمل القناتان الشيء نفسه في الأحداث المشابهة حينما تتقاطع المصالح أو تتعارض؟؟
    بالنسبة لقناة الجزيرة، لو حصل مثل هذا في إيران مثلا، هل ستعمل الشيء نفسه؟؟
    أنا كنت بالأمس أتابع تغطيتها للمظاهرات في إيران، ووجدت عجباً!! المراسل الخاص بالجزيرة، مراسلها الرسمي يتحدث بطريقة غريبة؟؟ يقول بأن المتظاهرين ليسوا آلافاً ولا حتى مئات، بل عشرات يسيرون على ارصفة بعض الشوارع الرئيسية، وللحق، قاطعته المذيعة قائلة كيف يستخدم الأمن القنابل المسيلة للدموع مع عشرات؟؟ فأحرج المراسل!!!
    لكن يبقى السؤال: قناة الجزيرة في تغطية أحداث مصر وتونس لم تعتمد على مراسل من هذا النوع، وقامت بالاتصال مع ناشطين، وأشخاص غير معروفين وتلقت منه اتصالات وسمحت لهم بالحديث دون تحديد هويتهم الشخصية، وبالأمس نفسه فعلت الشيء نفسه مع أحداث البحرين، اتصلت بناشطين، وسمحت بعدد من الاتصالات مع شهود عيان…
    القضية خطيرة، وتدعو لدراسة وتأمل أعمق فيما يجري، حتى لا نستلب إعلامياً، ونعيش تجرفنا الموجة دون أن ندري.. على الأقل على المستوى الأكاديمي والعلمي..
    وللححديث صلة..

  7. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    مقال رائع دكتور مساعد

    اما تعليقي كالاتي:

    قد تكون بعض المعايير مثل الموضوعية والحيادية مطلوبه في تناول بعض الموضوعات والقضايا لكنها لابد ان تتلاشى اذا كانت سلاح تسخدم ضد المظلوم وفي ثورة مصر كيف يطلب من البعض ان يكون موضوعيا او حياديا هذا يعني ان اتخلى عن نصرة المظلوم ،لكن للأسف البعض يبالغ في الالتزام بمعايير وضعها البشر وينسى ماامر نا به في ديننا بأن ننصر المظلوم حتى بالكلمة وهذا المفترض من اعلامنا العربي .
    احزننا ان نرى بعض القنوات كالعربية وهي تضع شعارا لها (ان تعرف اكثر) بينما واقعها احيانا لايعكس هذا الشعار فقد اصرت على تغطية الاحداث في منافسة منها لقناة الجزيرة الا انها للاسف في الوقت الذي تأزمت فيه الاوضاع في شوارع مصر تقول مراسلتها ان الشوارع فيها عدد قليل من الناس وقناة اخرى تقول ان الحياة رجعت الى طبيعتها ليتهم سكتوا واستمروا في عرض برامجهم المعتادة دون ان يجبروا على ايصال معلومات خاطئة تسطح عقول من يتابعهم.

    اما قولهم بأن الجزيرة تبالغ فمعهم حق في بعض القضايا التي تتناولها الجزيرة لكن فيما يتعلق بالثورة في مصر فعجبا اين المبالغة في واقع مكشوف ومصور رأيناه طيلة 18 يوما صوتا وصورة لنساء ورجال وشباب معتصمة لاتريد الا الكرامة الا ان تكون الجزيرة صنعت هذا الواقع وهذا مستحيل طبعا.
    اخيرا قد تكون الجزيرة ركزت على الثورة لأجندات خاصة بها الا اني ارى هذا التركيز خدم المصريين واصبح خيره لهم وسبحان الله الذي يسخر للمظلومين جنودا لايعلمهم الا هو .

  8. د محمد
    جميل جدا ما اضفته
    وهو ما كنت اؤكد عليه
    وشخصيا لا استغرب ان تمارس المحطة استراتيجيتها مع احترامها لقلية المشاهدين
    فالبراجماتية هي الاخطبوط الذي يتحرك كالغول ليحقق كل ذي مصلحة مايريد
    انما الانحياز للجماهير والتعبير عن آمالهم
    هو ما تحققه الجزيرة في حين تحاول العربية ان تكون صوتا
    لنخب سياسية اوثقافية
    ولذا قليلون هم من يتتبعون اثرها
    بوركت وأحينت

    مساعد

  9. فوزية
    احسنت
    نعم في احيان كثيرة لا يمكن ان نطالب الوسلة الاعلامية بالحياد
    فمثلا ما يتعلق بالمصالح الوطنية العليا
    لايمكن ان تمارس المحطة دورا حياديا ابدا
    فالمحطات الامريكية
    في حرب الخليج وفي احتلال العراق
    كانت تقول ما تريد ان يصل إلى الجمهور
    حتى ولو كان مفتعلا

    بوركت

    مساعد

  10. طارق
    شكرا لك
    هذه هي المرة الثالثة
    التي اكتب ردا على مشاركتك
    ثم اعود إليها فاجدها غير موجودة
    لقد كتبت تعليقين مطولين
    ولم اجدهما
    اعتذر لك

    بوركت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*